إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
82122 مشاهدة
سبب وجوب الهدي على المتمتع والقارن

وأما دم متعة وقران فيجب الهدي بشرطه السابق؛ لقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ والقارن بالقياس على المتمتع، فإن عدمه أي: عدم الهدي أو عدم ثمنه ولو وجد من يقرضه فصيام ثلاثة أيام في الحج، والأفضل كون آخرها يوم عرفة وإن أخرها عن أيام منى صامها بعد، وعليه دم مطلقا.


من جملة الدماء: دم المتعة؛ قال الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ تمتع ما معناه؟ تمتع يعني: انتفع، كيف انتفاعه؟ أنه سقط عنه أحد السفرين؛ بدل ما يسافر سفرا للحج وسفرا للعمرة جعلهما في سفر واحد، وفي عمل واحد أو عمل متقارب، فأدى العمرة، ثم تحلل منها ثم أدى الحج بعدها، فهذا يسمى متمتعا، وكذلك إذا أحرم بهما جميعا: قرن بينهما، لبى بالحج والعمرة، وكفاه عنهما إحرام واحد وطواف واحد وسعي واحد وحلق واحد، فمثل هذا أيضا قد انتفع.
فالتمتع الانتفاع، فإذا سقط عنه أحد السفرين، وأحد العملين، كان فعله هذا فيه شيء من النقص.
أنقص ممن سافر مرة للحج ومرة أخرى للعمرة؛ فلأجل ذلك عليه أن يجبر هذا النقص بالفدية؛ لذلك قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ أي: فليذبح ما تيسر من الهدي؛ شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، هذا الهدي الذي يجزئ عن المتمتع والقارن، فمن لم يجد الهدي أو لم يجد ثمنه: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ وهذا دم الهدي الذي يذبحه المتمتع ؛ الذي أحرم بالعمرة ثم بالحج أو أحرم بالحج والعمرة جميعا.